فصل: قال ابن الجوزي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.التفسير الإشاري:

قال نظام الدين النيسابوري:
التأويل: {أو من كان ميتًا} في حالة العدم {فأحييناه} بالحياة الحقيقية أي بالحي الذي لا يموت {وجعلنا له} نور الوجود الحقيقي الذي {يمشي به في الناس} وبه يسمع وبه يبصر {كمن هو} محبوس {في ظلمات} الطبيعة {وكذلك جعلنا في كل قرية} أي كل قالب {أكابر مجرميها} من النفس والهوى والشيطان {ليمكروا فيها} بمخالفات الشرع وموافقات الطبع. {ما أوتي رسل الله} من القلب والسر والروح. {يشرح صدره} أي ينظر إلى قلبه بنظر العناية فينوّره بنور جماله وهو نور الإيمان، فيشرح الصدر بضوء النور الواقع في القلب وهذا الضوء هو المسمى بنور الإسلام. وهذا النور يقبل الزيادة والاشتداد إلى أن يصير الإيمان إيقانًا والإيقان عيانًا والعيان عينًا. {ضيقًا} لتزاحم ظلمات صفات البشرية {حرجًا} لتعلقاته بالدنيا وشهواتها {كأنما يصعد في السماء} لأنه سفلي بالطبع لا يصعد إلا بالتصعيد والقسر. {وهذا} الذي بينا من الهداية والضلالة {صراط ربك} باللطف والقهر فبجذبات اللطف يهدي السعيد وبسطوات القهر يضل الشقي. {لهم دار السلام} أي السلامة عن القطيعة في مقام العندية بالوصول إلى الوحدة بعد الخروج عن ظلمات الاثنينية.
{ويوم يحشرهم} في موقف القالب البشري بالحكمة البالغة والقدرة الكاملة {يا معشر الجن} أي الصفات الشيطانية {قد استكثرتم من الإنس} أي غلبتم على الصفات الإنسانية {وقال أولياؤهم من الإنس} يعني النفس الأمارة {ربنا استمتع بعضنا ببعض} واستمتاع النفس الأمارة بالشيطان هو أن يستعين بصفات مكره على تحصيل شهواتها ولذاتها العاجلة وحظوظها، واستمتاع الشيطان بالإنس هو أن يستعين به على إضلال الحق وإغوائها كما استعان بحواء على إغواء آدم. {وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا} يعني أن مدة الاستمتاع وما جرى بيننا إنما كان بمقتضى قضائك وقدرك فأجابهم بأن الثوى في النار أيضًا بقضاء الله: {إلا أن يشاء الله} فيتوب عليهم {إن ربك حكيم} في تقدير الاستمتاع {عليم} بأهل الجنة وبأهل النار، {وكذلك} أي كما جعلنا مردة الجن والإنس بعضهم أولياء بعض فكذلك نجعل بعض الظالمين أولياء بعض بما كانوا يكسبون من إفساد الاستعداد الفطري {ألم يأتكم رسل منكم} يعني الإلهامات الربانية. وشهدوا على أنفسهم أقروا عند الحرمان عن السعادة العظمى أنهم بذواتهم كانوا صدأ مرآة قلوبهم {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى} [النجم: 39، 40] وما التوفيق إلا منه. اهـ.

.تفسير الآية رقم (131):

قوله تعالى: {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (131)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

.قال البقاعي:

ولما ذكر سبحانه إقامة الحجة على الكافر في المعاد بالرسل عليهم السلام، علل إرسالهم ترغيبًا وحثًا في اتباعهم في أيام المهلة بعد ترهيب، وتنبيهًا وإرشادًا في صادع تخويف وتأديب فقال: {ذلك} أي الأمر العظيم الجدوى هو أن أرسلنا الرسل {أن} أي لأجل أنه {لم يكن ربك} أي المحسن إليك بتشريف قومك {مهلك} أي ثابتًا إهلاكه {القرى بظلم} أي بسبب ظلم ارتكبوه {وأهلها غافلون} أي غريقون في الغفلة عما يجب عليهم مما لا تستقل به عقولهم، أي بما ركب فيهم من الشهوات وغلب عليهم من اللذات، فأوقف عقولهم عن نافذ المعرفة بما يراد بهم، فأرسلنا إليهم الرسل حتى أيقظوهم من رقدتهم وأنبهوهم من غفلتهم، فصار تعذيبهم بعد تكذيبهم هو الحق الواجب والعدل الصائب، ويجوز أن يكون المعنى: مهلكهم ظالمًا، فيكون المنفي من الظلم كالمنفي في قوله تعالى: {وما ربك بظلام للعبيد} [فاطر: 46] وعلى الأول المنفي ظلمهم. اهـ.

.قال الفخر:

اعلم أنه تعالى لما بين أنه ما عذب الكفار إلا بعد أن بعث إليهم الأنبياء والرسل بين بهذه الآية أن هذا هو العدل والحق والواجب. اهـ.

.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{عما تعملون} بتاء الخطاب: ابن عامر {مكاناتكم} بالجمع حيث كان: أبو بكر وحماد. الباقون {مكانتكم} على التوحيد. {من يكون} بالياء التحتانية: حمزة وعلي وخلف. الباقون: بتاء التأنيث. {بزعمهم} بضم الزاي علي وكذلك ما بعده الباقون: بالفتح {زين} على البناء للمفعول {قتل} بالرفع {أولادهم} بالنصب {شركائهم} بالجر ابن عامر. الآخرون {زين} على البناء للفاعل {قتل} بالنصب {أولادهم} بالجر {شركاؤهم} بالرفع {وإن تكن} بتاء التأنيث: ابن عامر ويزيد وأبو بكر وحماد {ميتة} بالرفع: ابن كثير وابن عامر ويزيد، وقرأ {ميتة} بالتشديد ابن كثير وابن عامر: الباقون: بالتخفيف.

.الوقوف:

{غافلون} o {مما عملوا} ط {يعملون} o {ذو الرحمة} ط {آخرين} o {لآت} لا لأن الواو بعده للحال {بمعجزين} o {عامل} ج لابتداء التقرير مع فاء التعقيب {تعملون} o لا لأن ما بعده مفعول سواء كان من استفهامية أو موصولة {عاقبة الدار} ط {الظالمون} o {لشركائنا} ج للشرط مع الفاء {إلى الله} ج للفصل بين المتضادين معنى مع الاتفاق حكمًا {شركائهم} ط {يحكمون} o {دينهم} ط {يفترون} o {افتراء عليه} ط {يفترون} o {أزواجنا} ج للشرط مع العطف. {شركاء} ط {وصفهم} ط {عليم} o {على الله} ط {مهتدين} o. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

قال صاحب الكشاف: قوله: {ذلك} إشارة إلى ما تقدم من بعثة الرسل إليهم وإنذارهم سوء العاقبة وهو خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: الأمر ذلك.
وأما قوله: {أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ القرى بِظُلْمٍ} ففيه وجوه:
أحدها: أنه تعليل، والمعنى: الأمر ما قصصنا عليك لانتفاء كون ربك مهلك القرى بظلم، وكلمة أن هاهنا هي التي تنصب الأفعال، وثانيها: يجوز أن تكون مخففة من الثقيلة، والمعنى لأنه لم يكن ربك مهلك القرى بظلم والضمير في قوله لأنه ضمير الشأن والحديث والتقدير، لأن الشأن والحديث لم يكن ربك مهلك القرى بظلم.
وثالثها: أن يجعل قوله: {أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ} بدلًا من قوله: {ذلك} كقوله: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأمر أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاْء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ} [الحجر: 66].
وأما قوله: {بِظُلْمٍ} ففيه وجهان: الأول: أن يكون المعنى، وما كان ربك مهلك القرى بسبب ظلم أقدموا عليه.
والثاني: أن يكون المراد وما كان ربك مهلك القرى ظلمًا عليهم، وهو كقوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: 117] في سورة هود.
فعلى الوجه الأول يكون الظلم فعلًا للكفار، وعلى الثاني يكون عائدًا إلى فعل الله تعالى، والوجه الأول أليق بقولنا، لأن القول الثاني يوهم أنه تعالى لو أهلكهم قبل بعثة الرسل كان ظالمًا، وليس الأمر عندنا كذلك، لأنه تعالى يحكم ما يشاء، ويفعل ما يريد، ولا اعتراض عليه لأحد في شيء من أفعاله.
وأما المعتزلة: فهذا القول الثاني مطابق لمذهبهم موافق لمعتقدهم.
وأما أصحابنا فمن فسر الآية بهذا الوجه الثاني قال: إنه تعالى لو فعل ذلك لم يكن ظالمًا لكنه يكون في صورة الظالم فيما بينا، فوصف بكونه ظالمًا مجازًا، وتمام الكلام في هذين القولين مذكور في سورة هود عند قوله: {بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}.
وأما قوله: {وَأَهْلُهَا غافلون} فليس المراد من هذه الغفلة أن يتغافل المرء عما يوعظ به، بل معناها أن لا يبين الله لهم كيفية الحال، ولا أن يزيل عذرهم وعلتهم.
واعلم أن أصحابنا يتمسكون بهذه الآية في إثبات أنه لا يحصل الوجوب قبل الشرع، وأن العقل المحض لا يدل على الوجوب ألبتة.
قالوا: لأنها تدل على أنه تعالى لا يعذب أحدًا على أمر من الأمور إلا بعد البعثة للرسول.
والمعتزلة قالوا: إنها تدل من وجه آخر على أن الوجوب قد يتقرر قبل مجيء الشرع، لأنه تعالى قال: {أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ القرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غافلون} فهذا الظلم إما أن يكون عائدًا إلى العبد أو إلى الله تعالى، فإن كان الأول، فهذا يدل على إمكان أن يصدر منه الظلم قبل البعثة، وإنما يكون الفعل ظلمًا قبل البعثة، لو كان قبيحًا وذنبًا قبل بعثة الرسل، وذلك هو المطلوب، وإن كان الثاني فذلك يقتضي أن يكون هذا الفعل قبيحًا من الله تعالى، وذلك لا يتم إلا مع الاعتراف بتحسين العقل وتقبيحه. اهـ.

.قال السمرقندي:

قوله تعالى: {ذلك أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ القرى بِظُلْمٍ} يعني: ذلك السؤال والشهادة ويقال: {ذلك} يعني: إرسال الرسل إلى الجن والإنس ليعلم أن لم يكن الله مهلك القرى يعني: معذب أهل القرى بغير ذنب في الدنيا {وَأَهْلُهَا غافلون} عن الرسل.
ويقال: غافلون عن العذاب لأنه قد بيّن لهم وأخذ عليهم الحجة. اهـ.

.قال ابن عطية:

قوله تعالى: {ذلك أن لم يكن} الآية، {ذلك} يصح أن يكون في موضع رفع على الابتداء والخبر محذوف تقديره ذلك الأمر، ويصح أن يكون في موضع نصب بتقدير فعلنا و{أن} مفعول من أجله و{القرى} المدن، والمراد أهل القرى، و{بظلم} يتوجه فيه معنيان، أحدهما أن الله عز وجل لم يكن ليهلك المدن دون نذارة، فيكون ظلمًا لهم إذا لم ينذرهم، والله ليس بظلام للعبيد، والآخر أن الله عز وجل لم يهلك أهل القرى بظلم إذ ظلموا دون أن ينذرهم، وهذا هو البين القويّ، وذكر الطبري رحمه الله التأويلين. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم} قال الزجاج: ذلك الذي قصصنا عليك من أمر الرسل، وأمر عذاب من كذب، لأنه لم يكن ربك مهلك القرى بظلم، أي: لا يهلككم حتى يبعث إليهم رسولًا.
قال ابن عباس: {بظلم} أي: بشرك {وأهلها غافلون} لم يأتهم رسول. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {ذلك} في موضع رفع عند سيبويه؛ أي الأمر ذلك.
وأنْ مخفّفة من الثقيلة؛ أي إنما فعلنا هذا بهم لأني لم أكن أهلك القرى بظلمهم؛ أي بشركهم قبل إرسال الرسل إليهم فيقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير.
وقيل: لم أكن أهلك القرى بشرك من أشرك منهم؛ فهو مثل: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى} [الأنعام: 164].
ولو أهلكهم قبل بعثة الرسل فله أن يفعل ما يريد.
وقد قال عيسى: {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} [المائدة: 118] وقد تقدّم.
وأجاز الفراء أن يكون ذلِك في موضع نصب، المعنى: فعل ذلك بهم؛ لأنه لم يكن يهلك القرى بظلم. اهـ.

.قال الخازن:

وقوله عز وجل: و{ذلك} إشارة إلى ما تقدم ذكره من بعثة الرسل إليهم وإنذارهم سوء العاقبة، وقال الزجاج: معناه ذلك الذي قصصنا عليك من أمر الرسل وأمر عذاب من كذبهم {أن لم يكن ربك} يعني لأنه لم يكن ربك {مهلك القرى بظلم}
قال الكلبي: معناه لم يكن ليهلكهم بذنوبهم من قبل أن يأتيهم الرسل فتنهاهم فإن رجعوا وإلا أتاهم العذاب، وهذا قول جمهور المفسرين قال الفراء: يجوز أن يكون المعنى لم يكن ليهلكهم بظلم منه {وأهلها غافلون} أي: وهم غافلون فعلى قول الجمهور: يكون الظلم فعلًا للكفار وهو شركهم وذنوبهم التي عملوها، وعلى قول الفراء: إنه لو أهلكهم قبل بعثة الرسل لكان ظالمًا والله عز وجل يتعالى عن الظلم.
والقول الأول: أصح، لأنه تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا اعتراض لأحد عليه في شيء من أفعاله، غير أنه أخبر أنه لا يعذب قبل بعثة الرسل ولو فعل ذلك لم يكن ظلمًا منه. اهـ.

.قال أبو حيان:

{ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون} الإشارة بذلك إلى أقرب مذكور دل عليه الكلام وهو إتيان الرسل قاصين الآيات ومنذرين بالحشر والحساب والجزاء بسبب انتفاء إهلاك القرى بظلم وأهلها لم ينتهوا ببعثة الرسل إليهم والإعذار إليهم والتقدم بالأخبار بما يحل بهم، إذا لم يتبعوا الرسل وفي الحديث: «ليس أحد أحب إليه العذر من الله».
فمن أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل.
وقال الزجاج قريبًا من هذا أي ذلك الذي قصصنا عليك من أمر الرسل وأمر عذاب من كذب لأنه لم يكن كذا أي لا يهلكهم حتى يبعث إليهم رسولًا.
وقيل: الإشارة بذلك إلى السؤال وهو {ألم يأتكم} أن لم يكن أي لبيان أن لم يكن حكاه التبريزي.
وقال الماتريدي: الإشارة إلى ما وجد منهم من التكذيب والمعاصي ويحتمل أن يشار به إلى الهلاك الذي كان بالأمم الخالية؛ انتهى.
ولا يستقيم هذان القولان مع قوله: {أن لم يكن} لأن المعاصي أو الإهلاك ليس معللًا بأن لم يكون وجوّزوا في ذلك الرفع على أنه مبتدأ محذوف الخبر أي ذلك الأمر، وخبر محذوف المبتدأ أي الأمر ذلك والنصب على فعلنا ذلك وإن لم يكن تعليل ويحتمل أن تكون أن الناصبة للمضارع والمخففة من الثقيلة أي لأن الشأن لم يكن ربك وأجاز الزمخشري أن لا يكون {أن لم يكن} تعليلًا فأجاز فيه أن يكون بدلًا من ذلك كقوله: {وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع} فإذا كان تعليلًا فهو على إسقاط حرف العلة على الخلاف أموضعه نصب أو جر وإن كان بدلًا فهو في موضع رفع، لأن الزمخشري لم يذكر في ذلك إلا أنه مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي الأمر ذلك وبظلم يحتمل أن يكون مضافًا إلى الله أي ظالمًا لهم كقوله: {وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون} ومعنى {وأهلها غافلون} أي دون أن يتقدم إليهم بالنذارة {وما ربك بظلام للعبيد} ويحتمل أن يكون مضافًا إلى القرى أي ظالمة دون أن ينذرهم وهذا معنى قول القشيري أي لا يهلكهم بذنوبهم ما لم يبعث إليهم الرسل وهذا الوجه أليق لأن الأول يوهم أنه تعالى لو آخذهم قبل بعثة الرسل كان ظالمًا وليس الأمر كذلك عندنا لأنه تعالى يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد، وعند المعتزلة لو أهلكهم وهم غافلون لم ينتهوا بكتاب ولا رسول لكان ظالمًا وهو متعال عن الظلم وعن كل قبيح.
وقيل: {بظلم} بشرك من أشرك منهم فهو مثل {ولا تزر وازرة وزر أخرى}
وقال الماتريدي: أي لم يكن يهلكهم بظلم أنفسهم إهلاك استئصال وتعذيب لا بعد تقدم وعيد أو سؤالهم العذاب، ولا يهلكهم مع الغفلة عن الظلم والعصيان لأنه يجوز له ذلك بل سنته هكذا لئلا يقولوا: لولا أرسلت إلينا وكل ذلك فضل منه ورحمة.
وقال مجاهد: لا يهلكهم بظلم بعضهم بعضًا وقيل: بظلم واحد منهم.
وقيل: بجنس الظلم حتى يرتكبوا مع الظلم غيره مما لا يرضاه الله من سائر القبائح ذكره التبريري.
ومعنى {وأهلها غافلون} أي لا يبين لهم كيفية الحال ولا يزيل عددهم وليس المعنى أنهم غافلون عما يوعظون به. اهـ.